الطريق الى كربلاء -5- استطلاع مصور
تاريخ الاضافة:الأربعاء 23 تشرين ثاني / نوفمبر 2016 10:51 صباحاً عدد الزيارات:6165من مدرسة الحسين بن علي (ع)
تعلمت بأن أكون مظلوماً ولا ظالماً
خاص لعرب فوتو
أ.د. عباس التميمي / جامعة كربلاء
الصور لفريق عيون كربلاء الفوتوغرافي
يردد الكثير منا هذه المقولة دون أن يغوص في أعماقها ، فماهي الدلالات لهذه المقولة ، أن أكون مظلوماً ؟ هل بمعنى أن أكون على درجة من الضعف واليأس والخنوع والعبودية ، والسير بجانب الجدران ؟ هل الإمام الحسين إلى درجة من الضعف بحيث يطلق هذه المقولة على نفسه ليرددها الضعفاء ؟ . أم هي تعني العمق الفلسفي التي تحتضنه هذه المقولة ؟ .
المظلوم في نظر أهل البيت عليهم السلام ليس الضعيف بل هو القوي بالأيمان الضعيف أمام قدرة الله التي خلقت كل شيء ومن ضمنها الأنسان الذي هو ضعيف بقدرته الجسدية ، القوي بقدرته العقلية ، لذلك أطلقت هذه المقولة الإنسانية ، لكي لا يتحول الإنسان إلى وحش يقتل كل من حوله بما يمتلك سواء من أشياء مادية ، أو توظيف الشيطان لعقله من خلال أعمال الغدر والخيانة وغيرها .
عندما يصل مثل هذا النموذج إلى دفة الحكم ليقود الرعية وهو لا يمتلك ادنى صفات القيادة ، وقد جاء بفعل وراثة أو تأمر أو بتوصية ، أو انقلاب ، أو استسلام أو....
سيكون تصرفه مع من حوله من أبناء أو أخوة أو زملاء أو شعب ، بسلوك واسلوب غير سوي يحمل كل الأمراض النفسية المعقدة .
من هنا تبدأ معاناة من حوله في عدم معرفة ما يريد من يقودهم ، فتراه كأمواج البحر بين الاستقرار والهيجان ، فلا يستطيع أحد أن يبوح حتى بكلمة عندما يرى الخطأ لغرض الإصلاح ، فاعتداده بنفسه وتوهمه بأنه محبوب من الله بدليل وهب الله له ما هو عليه من مكانة ورفعة دون غيره ، فهو لا يخطأ ابدً ، ومن الأمور الأخرى في هذا النموذج أنه يحب أن يستعبد الناس وليسحق على رؤوسهم دون أن يتفوه احد، ويستزاد دكتاتورية و وحشيته عندما تحاط به بطانة من الحاشية من صغار الشياطين تؤجج نار الغضب تحته وتنزع الرحمة من قلبه ، فيبدؤون بتصفية كل من هو أفضل منهم وينتقلون إلى تصفية من له أبداع وفكر على الرغم من أنه غير منافس لهم ، ليصلوا بتصفيتهم إلى جعل فقط من حولهم من يمتلك جسد دون عقل ويساعدهم شيطانهم الأكبر الذي يقودهم مستغلاً القانون في صفه أو انتمائه إلى من ينتمي إليه أو يسانده ، ولا أحد يصدق أنك برئ ، بشهادة الشياطين وقائدهم الشيطان الأكبر الرئيس ، اذا حاولت أن تقف بمسيرتهم الشيطانية .
في هذه الحالة لا يعلم الأمر سوى الله وحده والضحية جميعنا ، فيكون الالتجاء إلى الله من هذا الظلم واستعباده ونزع الكرامة حتميا ، فترى الجميع كاظمين الغيض يعيشون الحزن والالم .
قال تعالى : { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ }غافر18وقوله تعالى : (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )آل عمران134 .
هنا تتجلى قدرة الله تعالى بعلاج من خرج من أطار إنسانيته من المستذئبين على أبنائهم ، أخوتهم ، وعموم شعبهم ، بأن يجعل منهم أية من آيات الله التي لا تمحى عن ذكر الإنسانية بل يجعلها صورة لتعتبر منها الإنسانية من هكذا نموذج ، هنالك الكثير من الامثله في حياتنا اليوميه
فكم من أنسان تم ظلمه في كل المجالات من حولنا ، والظالم لم يحصل له شيء في كل ما يملك ومن معه ومن ينتمي له ، سيقول البعض لم يحصل لهم شيء ، أن الله يمد الإنسان بظلمه ليختبر من يتحمل أو يكفر بالله وبخلقه لهكذا نموذج مؤذي ، أن الله يضع عبده بامتحان ، كما يمتحن الطالب في مدرسته ، هنا البعض ينجح والاخر يرسب .
ليس على المظلوم الا التضرع لله والدعاء بأن يذل الظالم وقوله تعالى : { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } الدخان22 وقوله تعالى { فدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ } القمر10 وقوله تعالى : { وإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة 186 وقوله تعالى { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } ق 16، وقوله تعالى : { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } النمل 62 ، وبهذا فأن الله بالمرصاد على الظالم عندها سيقول الظالم ما جاء في قوله تعالى : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً } الفرقان 27 .
أما سمعتم أيها الظالمون دعاء المظلوم في الصباح أو المساء عليكم ؟
نعم فمن منكم يريد أن يكون ظالم أو يكون مظلوماً ، ولماذا تظلمون لتحصلوا على أكثر مما رزقكم الله ، فالرزق من عند الله { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } البقرة 212، أما تعرفون أن الظلم هو آلم للمظلوم في روحه وجسده ، وعلى زوجتة وعياله ومحبيه وعلى من يعرفون صدقه وإيمانه وحبه للأخرين .
فأين الظالمون وأين تاريخهم وما ملكوا وكيف عاشوا وأين ذريتهم وكيف عاشت ، لاستعجلوا على الظالم وقوله : { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ } ص3 وقوله : { واصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } الطور 48.
هكذا كانت قول الحسين بن علي (ع) أن أكون مظلوما ولا ظالماً عند الله لا لغيره هو من خلقني وهو يتكفل بحمايتي ولا سلطة لاحد غيره علينا ، والموت والعار والذل لمن ظلمنا .
الصور من الطريق الى كربلاء بعدسة فريق عيون كربلاء الفوتوغرافي